Saturday, July 20, 2013

-2- التحولات الاجتماعية:


إن القبيلة هي مكون اجتماعي رئيسي في التركيبة السكانية لكثير من الكيانات السياسية، وهي كذلك عائلة كبيرة جدا تنقسم لعوائل أصغر حتى نصل للبنية الأساسية المكونة من الزوج والزوجة، وتشكل الأسرة داخل البنية الإجتماعية لقبيلة بني أحمد النواة الأساسية والرئيسية للقبيلة، حيث كانت بعض الأسر تشكل نفوذا قويا في القبيلة في حكمها وتوجيهها.
إن الأسرة ببني أحمد لازالت متماسكة وقوية كما كانت، بالرغم من انتقال غالبية أسر بني أحمد من نمط الأسرة الممتدة التي تسكن الكانون الواحد، إلى أسرة نووية مستقلة بسبب التحولات الإجتماعية، و الإسقلالية المادية التي حققتها زراعة القنب الهندي، والعولمة التي يشهدها العالم وبسبب بروز مشاكل أسرية وعائلية فرضتها تطورات الأوضاع، مع ارتباط غالبيتها بالأرض.
إن امتداد الأسرة في بني أحمد، وتقلصها واشتراكها في السكن، يعود إلى التكافل الإجتماعي نظرا لهشاشة الإقتصاد المحلي، وتراجع المنتوجات الفلاحية، وارتباط الناس بموارد اقتصادية خارجة عن القبيلة بعدما كانت تعيش اكتفاء ذاتيا نسبيا. كما اعتاد الناس على الهجرة منذ زمن لهشاشة اقتصاد المنطقة، وقلة الموارد الطبيعية، وضعف البنية التحتية، وغياب الكهربـــاء، والطرق، والمؤسسات الإجتماعية والتربوية، وفي السياق ذاته نسجل طبيعة التعايش والتساكن السائد بين ساكنة أصلية محلية وساكنة أخرى وافدة من القبائل الأخرى أو من داخل القبيلة الواحدة – بني أحمد - وضمن نظامها ونمط تسييرها وقيادتها، وعلى الرغم من هذا التساكن، نسجل الصراع الذي كان يحصل بين الفرق المختلفة وكان يصل أحيانا حد القطيعة بين فرقة وأخرى، على مستوى الأنساب والمصاهرة، كل فرقة كانت تسعى لتزويج أبنائها داخلها. لكن سرعان ما تلاشى مع الوقت لإنتشار الوعي والتعلم.
وعلى مستوى العلاقات العائلية، وبعدما كانت تعرف بالتماسك والتضامن سرعان ما بدأت تسير نحو التفكك والصراع والعزلة، وبدأت المنطقة تسير نحو المسار الحضري المديني الذي فيه العائلات أو الجيران لا يرى بعضهم البعض الا في المناسبات غالبا.
وفي سياق الزواج الذي كان يخضع في القبيلة لضابطين أساسيين هما، الضابط الشرعي والضابط العرفي، مع بعض التحولات الشكلية طبعا وتحول بسيط على مستوى الأعراف والتقاليد بفعل التطور وارتفاع تكاليف الزواج ومستلزماته، كما أن الزواج انتقل من كونه كان يهم الجماعة إلى الأسرة فأصبح الآن يعد مسألة شخصية تهم الفرد نفسه.
ثمة تحول اجتماعي ديني آخر عرفته المنطقة، ويتعلق بدور القبيلة في تخريج ألاف من حفظة القران والعلماء، وبعدما كانت المساجد تعتبر المؤسسة الإجتماعية والدينية والتربوية الرئيسية بالمنطقة ويتخرج منها العديد من حفظة القرآن حتى من خارج المغرب، والذين يحظون بالتكريم الكبير داخل القبيلة فصار اليوم للمسجد دور واحد هو العبادة، وتراجع بصفة شبه مطلقة دوره في تخريج حفظة القرآن "الطلبة" الذي كان له صيت كبير في المغرب كله. وتحول الأمر بتخطيط رسمي ربما، لصالح التعليم الحديث رغم هشاشته. وفي سياق آخر أخذت المنطقة نصيبها في التحول العام، وبالتالي انفتحت على العالم الخارجي، من خلال وسائل الاتصال الفضائي المختلفة، إلى الإتصالات الهاتفية، وصولا إلى صبيب الإنترنت الذي جعل المنطقة بلا حدود وتتلاقح مع كل الثقافات والحضارات بشكل افتراضي وتتفاعل معه على شتى المستويات.
وهكذا عرفت المنطقة أيضاً تحولات على مستوى المؤسسات والبنيات، من مستشفيات ومؤسسات تعليمية متعددة وكهربة المنطقة برمتها، إلا أن هاته الأمور رغم أهميتها فلا يمكن أن نعتبرها هي التنمية التي يترجاها السكان، في مقابل الأمية التي لازالت تشكل الغالبية العظمى من سكان المنطقة، بالرغم من بروز فاعل جديد في الحقل الإجتماعي بالمنطقة والذي يتمثل في جمعيات المجتمع المدني التي أصبحت تلعب دورا فعالا في القطاع الإجتماعي بالمنطقة، رغم بساطة الإمكانيات، ورغم محدودية المجال.

0 comments:

Post a Comment

Subscribe to RSS Feed Follow me on Twitter!